وسط تصاعد وتيرة الأحداث في سوريا، يبرز اسم مازن حمادة كرمز للنضال والتضحية.
هذا الناشط السوري، الذي تحول إلى أيقونة للثورة، دفع حياته ثمنًا لمواقفه الشجاعة في فضح الانتهاكات داخل سجون نظام بشار الأسد.
مقالنا يستعرض رحلة حياته، من النضال إلى المعتقل، حتى النهاية المأساوية التي وُجدت فيها جثته في ظروف غامضة.
قصة مازن ليست مجرد سرد لأحداث، بل شهادة حية على المعاناة المستمرة للشعب السوري.
من هو مازن حمادة؟
مازن حمادة هو مواطن سوري من محافظة دير الزور، وُلد ونشأ في شرق سوريا، وعمل في إحدى شركات النفط الأجنبية. عند اندلاع الثورة السورية في عام 2011، كان يبلغ من العمر 33 عامًا.
منذ اللحظة الأولى، انخرط مازن في الاحتجاجات السلمية ضد النظام السوري، ليصبح أحد أبرز وجوه المعارضة الشعبية خلال فترة الربيع العربي.
النشاط الثوري:
كان مازن ناشطًا شجاعًا يجهر بمواقفه ضد نظام بشار الأسد.
عُرف بمشاركته في المظاهرات الشعبية، وسعيه إلى توثيق الجرائم التي يرتكبها النظام.
الحياة قبل الاعتقال:
عمل مازن في قطاع النفط قبل الثورة، لكن مع اندلاع الاحتجاجات، كرّس وقته وجهده لدعم الثورة السورية.
رحلة الاعتقالات والتعذيب
الاعتقال الأول
مع بدايات الثورة، اعتُقل مازن مرتين في دير الزور، حيث احتُجز لفترات قصيرة. لكن التحول الكبير في حياته كان في عام 2012 عندما انتقل إلى دمشق. هناك، تم اعتقاله مجددًا ونُقل إلى مقر المخابرات الجوية سيئ السمعة في حي المزة، حيث بدأ الكابوس الحقيقي.
التعذيب الوحشي: تعرض مازن في مقر المخابرات الجوية لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي. وُثّقت شهاداته لاحقًا، حيث كشف عن المسالخ البشرية التي يديرها النظام.
الإفراج واللجوء
في عام 2014، أُطلق سراح مازن بعد سنوات من الاعتقال والتعذيب. اختار مغادرة سوريا ليحصل على اللجوء في هولندا. لكن، حتى في منفاه، لم يتوقف عن النضال.
النشاط الدولي:
أصبح مازن صوتًا للضحايا السوريين، حيث جاب دولًا عدة لتقديم شهاداته.
شارك في مؤتمرات دولية وأفلام وثائقية، وشرح للعالم أساليب التعذيب التي واجهها.
عودة غامضة إلى سوريا
في عام 2020، اتخذ مازن قرارًا مفاجئًا بالعودة إلى سوريا، رغم المخاطر التي كانت واضحة للجميع. فور وصوله إلى مطار دمشق، اختفى مازن عن الأنظار، ولم تُعرف عنه أي أخبار حتى تم العثور على جثته بعد أربع سنوات.
لغز العودة
تطمينات من النظام: أشارت تقارير إلى أن مازن عاد بعد تلقيه تطمينات من النظام بأنه لن يتعرض للأذى.
الاكتئاب الحاد: بعض المقربين منه ذكروا أنه كان يعاني من حالة نفسية سيئة دفعت به لاتخاذ هذا القرار.
مصير مأساوي: عُثر على جثته في مستشفى حرستا بريف دمشق، مع عشرات الجثث الأخرى لسجناء أُعدموا تحت التعذيب.
فاضح سجون الأسد
شهاداته المؤثرة
خلال وجوده في أوروبا، قدم مازن شهادات مروعة عن التعذيب الذي تعرض له في سجون الأسد.
تحدث عن الممارسات الوحشية مثل:
الضرب حتى الموت.
الحرمان من الطعام والماء.
التعذيب بالكهرباء.
لقب "الميت المتكلم"
نال هذا اللقب بسبب التأثير النفسي الواضح عليه، حيث وصفه الناشطون بأنه شاهد حي على الجرائم التي يرتكبها النظام السوري.
ردود الفعل على وفاته
الناشطون والإعلام
وفاة مازن أثارت موجة من الحزن والغضب بين السوريين.
وصفت الصحفية السورية ورد نجار مازن بأنه "قُتل عدة مرات: جسدًا، ونفسًا، وروحًا".
وُثقت وفاته كجزء من الجرائم التي ارتكبها النظام قبل سقوطه.
المنظمات الدولية
صرّح ستيفن راب، رئيس لجنة العدالة والمساءلة الدولية، بأن مستشفى حرستا يُستخدم كمرحلة أخيرة للسجناء قبل دفنهم في مقابر جماعية.
مازن حمادة: أيقونة الثورة
إرث لا يُنسى
مازن حمادة لم يكن مجرد فرد، بل كان رمزًا للصمود. سيرته تظل تذكرة بأهمية الكفاح من أجل الحرية والعدالة.
دعوة للعدالة
قصته تؤكد على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الجرائم في سوريا.
تظل ذكراه شاهدة على المعاناة المستمرة للمعتقلين السوريين.
خاتمة
قصة مازن حمادة تمثل واحدة من آلاف القصص التي تعكس المأساة السورية. لكنها أيضًا دعوة للعالم للتحرك من أجل تحقيق العدالة. سيبقى اسم مازن خالدًا في ذاكرة السوريين والعالم، كرمز للنضال ضد القمع وضحية للغدر. رحم الله مازن، وأسكنه فسيح جناته.
إرسال تعليق